featuredسياحة

المتحف المصري الكبير فى صدارة صحف العالم.. حدث تاريخي.. ينقل الزوار فى رحلة ساحرة داخل كنوز الفراعنة.. قناع الذهب لعنخ آمون يجذب الاهتمام العالمي.. ويعكس الركيزة الأساسية لاستراتيجية مصر الطموحة لتطوير السياحة

تشهد مصر حدثا ثقافيا وتاريخيا عالميا، السبت 1 نوفمبر، مع افتتاح المتحف المصرى الكبير بالجيزة، الذى يتصدر الصحف العالمية اليوم، حيث إنه يعتبر أكبر متحف مخصص للحضارة الفرعونية على مستوى العالم، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية من بينها المجموعة الكاملة لفرعون الذهب توت عنخ آمون.

وركزت الصحف الإيطالية على البعد الثقافي والحضارى للمتحف، باعتباره مشروعاً عالمياً يرمز إلى التعاون الدولي واستقرار مصر في منطقة الشرق الأوسط. ونشرت مجلة Domus الإيطالية المتخصصة في العمارة والتصميم تقريراً وصفت فيه المتحف بأنه  تحفة معمارية فريدة تُعيد تعريف العلاقة بين التاريخ والمستقبل، مشيرة إلى أن تصميمه المذهل المطلّ على أهرامات الجيزة يعكس رؤية معمارية حديثة تجمع بين العراقة والابتكار.

أما موقع Decode39 الإيطالي-الأوروبي، فربط الحدث بالتحالف المتوسطي الجديد بين مصر والاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن المتحف يمثل رمزاً لاستقرار مصر ودورها المتصاعد في محيطها الإقليمي، وأن افتتاحه يتزامن مع توجه أوروبي متزايد نحو دعم مشاريع التنمية الثقافية في جنوب المتوسط.

كما سلطت صحيفة كلارين الأرجنتينية الضوء على الحدث التاريخي، مشيرة إلى مرور قرن كامل على اكتشاف القناع الذهبي لتوت عنخ آمون على يد عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر في 28 أكتوبر 1925. وقد كشف كارتر عن القناع بعد فتح التابوت الداخلي للفرعون الصغير، بعد سنوات من البحث المتواصل منذ 1907، بالتعاون مع اللورد كارنفون في منطقة دير المدينة قرب الأقصر. وأصبحت عبارة كارتر الشهيرة “نعم، أرى أشياء رائعة” رمزًا للاكتشاف الأثري الذي أثار موجة عالمية من الاهتمام بمصر القديمة، عُرفت باسم “الهوس بمصر” أو Egiptomania، امتدت لتشمل الفن والسينما والموضة، وجعلت علم المصريات مادة جماهيرية.

المتحف المصري الكبير، الملقب بالهرم الرابع، يمتد على مساحة 480 ألف متر مربع، مع 85 ألف متر مربع مخصصة للمعارض الدائمة، ويضم تمثال رمسيس الثاني العملاق بارتفاع 12 مترًا والذي يعود لعمر يزيد على 3200 عام، إلى جانب آلاف القطع الأثرية التي تحكي قصة الحضارة الفرعونية منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد وحتى العصر البطلمي. صُممت قاعات العرض بطريقة متسلسلة تأخذ الزائر في رحلة زمنية عبر حياة الفرعون الصغير، مع مساحات واسعة وسقوف عالية لتوفير تجربة مشابهة لزيارة موقع أثري حقيقي، إضافة إلى مخازن حديثة ورش ترميم للحفاظ على الكنوز للأجيال القادمة.

توت عنخ آمون يجذب اهتمام العالم

كما أبرزت الصجيفة بتركيز خاص على قناع توت عنخ آمون، الذي صوره كارتر وهو يمثل الفرعون كإله البعث أوزوريس، ليصبح رمزًا للحضارة الفرعونية ويجذب اهتمام الباحثين والزوار من جميع أنحاء العالم. ونقلت الصحف تفاصيل رحلة القناع من الأقصر إلى القاهرة في ديسمبر 1925، قبل أن ينقل حديثًا إلى المتحف الجديد.

ويشهد الافتتاح حضور ملوك ورؤساء دول وشخصيات سياسية وثقافية بارزة، من بينهم رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، والمستشار الألماني فرانك شتاينماير، وملك إسبانيا فيليبي السادس، إلى جانب وفود من أوروبا وآسيا وأفريقيا، في حدث يعكس المكانة الدبلوماسية والثقافية لمصر على الساحة الدولية. وقد أشارت وسائل الإعلام الإيطالية إلى أن زيارة ميلوني تأتي بعد أيام من توقيع اتفاقيات السلام بشأن غزة، لتعكس دور القاهرة كمركز رئيسي للدبلوماسية الإقليمية، حيث ستبحث مع الرئيس عبد الفتاح السيسي ملفات إعادة إعمار غزة والهجرة والطاقة والأمن في البحر المتوسط.

كما قالت صحيفة لاتينوس  المكسيكية فقد  يمثل المتحف المصري الكبير، بجواره للأهرامات العظيمة، بوابة حضارية تجمع بين الماضي الفرعوني والمستقبل الحديث، مؤكدًا قدرة مصر على الجمع بين التراث الثقافي العريق والتجربة السياحية والتعليمية الحديثة. ويعد الافتتاح حدثًا استثنائيًا على مستوى العالم، ليس فقط لعرض الكنوز الفرعونية الأكثر شهرة، بل أيضًا لتعزيز مكانة مصر كمقصد ثقافي عالمي يجذب الزوار من كافة أنحاء المعمورة.

وأكدت صحيفة لوموند الفرنسية أن المتحف المصري الكبير يمثل الركيزة الأساسية لاستراتيجية مصر الطموحة لتطوير قطاع السياحة، مشيرة إلى أن مصر استقبلت خلال عام 2024 رقمًا قياسيًا من الزوار بلغ 15 مليون سائح، وتطمح لمضاعفته إلى 30 مليون زائر سنويًا بحلول عام 2030، معتبرة أن المتحف الجديد سيكون المعلم الرئيسي لتحقيق هذا الهدف.

متى يُفتتح المتحف المصري الكبير؟

ويُعد المشروع – الذي بدأ التخطيط له منذ تسعينيات القرن الماضي – نقطة تحول تاريخية في عرض التراث المصري باستخدام أحدث تقنيات العرض والإضاءة والتصميم المعماري العصري.
رمسيس الثاني يستقبل الزوار في مدخل المتحف

وأشارت الصحيفة إلى أن تمثال رمسيس الثاني الضخم بارتفاع 11 مترًا ووزن 83 طنًا يقف شامخًا في قلب بهو المدخل، تحت سقف زجاجي يبلغ ارتفاعه 38 مترًا، يُغمر بضوء طبيعي خافت يمنح المكان رهبة وعظمة، ويروي التمثال قصة مصر القديمة، إذ اكتُشف عام 1820 في ممفيس، ثم نُقل إلى القاهرة عام 1955، ليستقر اليوم في موقعه الجديد بالمتحف المصري الكبير كأحد رموز الحضارة المصرية الخالدة.

كيف صُممت قاعات العرض؟

تتألف قاعات العرض من 80 غرفة موزعة على ثلاثة أجنحة موضوعية:المجتمع، والملكية والمعتقدات الدينية.
وتغطي هذه القاعات فترات زمنية تمتد لأكثر من 3 آلاف عام، منذ توحيد مصر العليا والسفلى عام 3150 قبل الميلاد وحتى العصر اليوناني الروماني.
ويُطل الدرج الرئيسي على أهرامات الجيزة الثلاثة – خوفو وخفرع ومنقرع – التي تظهر من خلال نافذة زجاجية ضخمة، لتشكل لوحة طبيعية تربط الماضي بالحاضر.

كم عدد القطع الأثرية التي يضمها المتحف؟

أوضحت لوموند أن أكثر من 100 ألف قطعة أثرية نُقلت إلى المتحف، وسيُعرض نصفها في المعارض الدائمة والمؤقتة، فيما تُخزن 50 ألف قطعة أخرى في مخازن ومختبرات حديثة مجهزة بتقنيات حفظ وترميم متطورة.

وأكد عالم المصريات زاهي حواس للصحيفة أن المتحف يمثل مزيجًا بين عظمة التاريخ وجمال التصميم الحديث، مضيفًا:الرسالة التي نوجهها للعالم هي أن مصر تحافظ على تراثها، تراث لا يخص المصريين فقط، بل الإنسانية جمعاء.

المتحف المصري الكبير.. رسالة مصر الجديدة إلى العالم

تختم لوموند تقريرها بالتأكيد على أن المتحف المصري الكبير ليس مجرد معلم أثري، بل مشروع وطني واستثماري عالمي، يجسد رؤية مصر 2030 لتنمية السياحة والثقافة والاقتصاد، ويعيد للعالم سحر الحضارة المصرية في ثوب القرن الحادى والعشرين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى